الخميس، 29 أغسطس 2013

مصر نحو غد افضل

اكد الشعب المصرى يومى 30 يونيو و26 يوليو 2013 على انه صاحب القرار الأوحد، وانه يملك القدرة والبصيرة على تحديد مستقبله وتحقيق تطلعاته، فالشعب الذى قدم للعالم اعظم حضارة إنسانية قادر فى اللحظات التاريخية الفارقة ان يجعل من تلك الحضارة العظيمة نبراساً يضىء طريقه نحو مستقبل افضل.
ان الجيش المصرى هو جيش الشعب المصرى فقط لا تسوده او تتحكم فيه اية نزعات دينية او عرقية اوسياسية بل هو جيش وطنى، إعتاد على مر التاريخ ان يكون الدرع الواقى لأرض مصر المباركة التى ذكرتها بالثناء والمحبة كافة الاديان السماوية سواء اليهودية او المسيحية او الإسلام ومن ثم فأن إذعان الجيش لإرادة الحشود الشعبية الغفيرة وتضامنه مع حقها فى المطالبة بالتغيير نحو الأفضل يعد امراً طبيعياً، فضلاً عن ان العلاقة بين الشعب المصرى وجيشه تتميز بالخصوصية الشديدة ولها جذور تاريخية تجعلها بمنأى عن المقارنة بغيرها.
 ان سياسات الإقصاء والتمكين التى تبناها نظام جماعة الإخوان المسلمين والتى ترتكز على إيدولوجية خاصة بتلك الجماعة تتناقض مع طبيعة الشعب المصرى التى تتسم بالإعتدال والتسامح فقد جعلت تلك الجماعة مصلحتها واهدافها تعلو فوق مصلحة الوطن واماله ،كما ان تلك الإيدولوجية المتطرفة هددت إستقرار وتماسك كافة مؤسسات الدولة المصرية وخاصة القضاء والشرطة والإعلام والتعليم ، كما انها ادت إلى إستمرار التدهور الإقتصادى وإستنزاف الإحتياطى النقدى للدولة وتفاقم معدلات الفقر والبطالة وإزدياد معاناة المواطن فى الحصول على ابسط إحتياجاته اليومية ولاسيما من الخبز والوقود.
 ادى فشل جماعة الاخوان المسلمين فى حكم بلد كبير بمكانة مصر إلى إستياء الشعب المصرى وشعوره ان اهداف ثورة 25 يناير لم تتحقق بل انه يتعرض لنوع من الإحتيال الفكرى والعقائدى، ومن ثم جاءت ثورة 30 يونيو كخطوة محورية لتصحيح مسار ثورة 25 يناير وللتأكيد على ان الشعب المصرى لن يتخلى عن أهدافه وتطلعاته نحو مستقبل افضل.
حازت عناصر خريطة الطريق الحالية والتى تحدد معالم التحول الديمقراطى فى مصر على توافق اغلبية الشعب، كما ان الدولة المصرية تحرص على تحقيق المصالحة الوطنية فى إطار القانون، بيد ان جماعة الإخوان مازالت تواصل إستفزازتها وإستقوائها ببعض الدول التى تعجز عن فهم الشعب المصرى او إدراك الواقع الذى يعيشه والمستقبل الذى يأمله.
 لم تدخر الحكومة المصرية جهداً من اجل فض إعتصامات جماعة الاخوان المسلمين بطريقة سلمية على الرغم من الضرر الكبير الذى اصاب الحياة فى مصر نتيجة لتلك الإعتصامات، وقد اشارت  تقارير بعض المنظمات الدولية مثل اليونسيف ومنظمة العفو الدولية إلى الإنتهاكات والتجاوزات المستمرة التى كانت تحدث فى هذه الإعتصامات فضلاً عن إستخدام الجماعة للأطفال والنساء كدروع لحمايتهم. وكانت تلك الإعتصامات والمسيرات التى تنظمها الجماعة تشكل تهديداً صريحاً لأمن المواطن وإستقرار الوطن فضلاً دعم الجماعة وأنصارها من تيار الإسلام السياسى للجماعات المتطرفة فى سيناء والتى تسعى إلى تحويلها لبؤرة للتطرف والإرهاب، وقد إعترفت بعض قيادات الجماعة بان وقف العمليات الإرهابية فى سيناء يقترن بعودة الرئيس السابق، وهو الأمر الذى يرفضه تماماً الشعب المصرى بل يزيده إصراراً على نبذ هذه الجماعة وممارساتها.
حرصت الدولة المصرية على ممارسة سياسة ضبط لنفس والتروى فى الإستجابة للمطالب الشعبية المتزايدة بفض هذه الإعتصامات حرصاً على عدم إراقة دماء المواطنين المغرر بهم، على الرغم من إستفزازات الجماعة المتكررة ورغبتها فى إندلاع مواجهات بين أجهزة الأمن والمعتصمين لكى تقوم بتسويق هذا المشهد للخارج ولكى تبدو فى دور الضحية، وقد تم فض هذه الإعتصامات بحرفية ومهنية كبيرة من جانب قوات الامن المصرية وبأقل خسائر ممكنة وضعاً فى الإعتبار الكميات الكبيرة من الأسلحة التى كانت كانت بحوزة انصار الجماعة داخل هذه الإعتصامات.
كشفت جماعة الاخوان المسلمين عقب فض هذه الإعتصامات عن وجهها القبيح، وبدأ أنصارها فى تنظيم مسيرات فى مختلف إنحاء مصر قاموا خلالها بإحراق العديد من الممتلكات العامة والخاصة وقتل العديد من المواطنين الأبرياء ورجال الشرطة فى محاولة لنشر الفوضى، ولكن نجحت قوات الأمن المصرية بدعم شعبى كبير فى إجهاض مسعى الجماعة، وتم فرض السيطرة الأمنية على كافة إنحاء مصر والقبض على العديد من قيادات تلك الجماعة.
حاولت جماعة الإخوان المسلمين وإنصارها بث الفتنة الطائفية فى مصر من خلال حرق الكنائس والتعرض لأملاك المواطنين المسيحيين، بيد ان أبناء الشعب المصرى سواء المسلمين او المسحيين فطنوا لذلك المخطط القبيح، وأظهروا تضامناً وتماسكاً ضد أهداف تلك الجماعة، فالهوية المصرية والإنتماء لأرض مصر المقدسة يتجاوزا الإنتماءات الدينية والمذهبية والعرقية. 
ان ما تشهده مصر الأن يعبر عن مرحلة إنتقالية فارقة فى تاريخ هذه الأمة العظيمة التى إقترن اسمها دائماً بالتاريخ والحضارة، ولاريب فى ان  الشعب المصرى بتاريخه وتراثه وإرادته قادر كعادته على تجاوز تلك المرحلة وتداعياتها لكى يبدأ فى صياغة مرحلة جديدة تتوافق مع تطلعاته واحلامه نحو مستقبل افضل يعبر عن صناع التاريخ والحضارة الإنسانية.

بقلم السيد هيثم جلال مستشار السفارة المصرية فى باكو
أ ب أ / إهـ / © جميع الحقوق محفوظة دون الصور إلا ما هو حامل علامة أ ب أ منها وللاستفادة من المعلومات يتحتم الاستناد إلى وكالة الصحافة الأذربيجانية (أ ب أ) وبالارتباط التشعبي 2013.